مفهوم تمثيل الواقع وتطبيقاته في تحسين تجربة الاستخدام

كتبه أحمد مجدي 1 يناير 2014

أكبر التحديات التي واجهت العقل البشري على مر العصور فهم أو الوصول إلى الأشياء التي نعرف أنها موجودة ولا نستطيع أن نراها، إذ ليس كل ما هو حقيقي ومفيد، يُلمس ويُرى، فالزمن مثلاً، حقيقي ولكن لا يمكن إدارته بصورة كفء إلا عندما تمثله الساعة والتقويم الزمني، الواجهات Interfaces هي محاولة بشرية لكي توصل للمستخدم ماهية الاشياء التي يتفاعل معها وكيف يمكن أن يتفاعل معها، المصطلحات التي تتبناها قابلية الاستخدام مثل النموذج العقلي أو القواعد العامة التي وضعت لتصميم الواجهات التفاعلية مثل الاستعارة أو تمثيل الواقع، هي إنعكاس لمبدأ اساسي وهو أن الواجهة الناجحة هي التي تستنبط عناصرها من البيئة المحيطة للإنسان، ما هو تمثيل الواقع وكيف يمكن أن نستفيد من هذا المفهوم في التصميم للويب؟ هذا ما سنناقشه في هذا المقال…

في أحد مقاطع الفيديو لـ Kirby Ferguson؛ كاتب ومخرج فيديو ومصمم سابق، تحدث فيه عن الـ Iphone وأن العناصر التفاعلية التي ابتكرت في واجهة Iphone هي تمثيل لأمور حقيقية يتفاعل معها الانسان كل يوم، فعلى سبيل المثال القفل الذي ابتكرته آبل في واجهة آيفون مستوحي من شكل القفل العادي الذي نستخدمه لغلق الابواب.

القفل المستخدم في واجهة Iphone مستوحي من القفل الذى نستخدمة كل يوم في غلق الأبواب
القفل المستخدم في واجهة Iphone مستوحي من القفل الذى نستخدمة كل يوم في غلق الأبواب

أحد الأمثلة الأخرى لما مثله آيفون من حياتنا اليومية في واجهته التفاعلية هي الطريقة التي تحدد بها المواعيد في المنبة، فشكل المنبة وتدوير الأرقام مستوحي بالكامل من الاشكال المألوفة لدينا في عدادات المياة أو آلات عد النقود…

تصميم عداد ضبط المنبة في Iphone مستوحي اشكال العدادات الحقيقية في حياتنا اليومية
تصميم عداد ضبط المنبة في Iphone مستوحي اشكال العدادات الحقيقية في حياتنا اليومية

النموذج العقلي وتمثيل الواقع … وجهان لعملة واحدة

ضمانة نجاح تجربة الاستخدام لأي واجهة تفاعلية هي مدى إقتراب الواجهة -الجديدة- من النموذج العقلي -القديم-  للمستخدم، وهو مصطلح ناقشناه سابقاً في معمل ألوان، فكلما كانت العناصر التفاعلية بالواجهة قريبة من النموذج العقلي والتمثيل الذي يضعه المستخدم بعقله للأشياء كلما كانت أكثر سهولة في الاستخدام.

النموذج العقلي وتمثيل الواقع وجهان لعملة واحدة، فتمثيل الواقع هو الطريق الانسب لأن تجعل واجهة إستخدام الموقع قريبة مما يتوقعه المستخدم

تمثيل الواقع يتحكم في المنتجات الجديدة …

Palette أحد المشاريع الواعدة على KickStarter وهو مشروع يوفر أدوات تحكم حقيقة:-

  • كالأزرار Buttons
  • السلايد المتحرك Slider لأعلى وأسفل
  • الزر الدائري Radio Button مثل زر رفع وخفض الصوت في الراديو

هذة الادوات يتم دمجها بالبرامج الموجودة بالحاسب لتؤدي مهام محددة بضغطات زر حقيقية! فمثلاً بدلاً من أن تضغط على زر من لوحة المفاتيح لترفع وتخفض صوت السماعات بالحاسوب، يمكن أن تستخدم السلايدر الحقيقي الموجود لأداء هذه المهمة.

Palette-colorslab
مشروع Palette تلقى التمويل المطلوب عبر منصة kickstarter وهو الان ينتج هذة الاجزاء بشكل تجارى

كما يمكن مثلاً أن تستخدم أزرار الارقام الحقيقية لطلب رقم ما من برنامج Skype؛ هذا المنتج عكس الامر فهو واجهة حقيقية تتحكم في الواجهات الافتراضية! فبدلاً من أن يمثل هو الواقع ببرنامج مثلاً يستخدم السلايد Slide أو الازرار Buttons … قام بتوفير تلك الازرار Buttons بشكل حقيقي، فالمنتج يعتمد كلياً على النموذج العقلي للمستخدمين.

dial-numbers-skype-colorslab
صورة توضح كيف يمكن استخدام Palette وتكاملة مع البرماج المختلفة

ما هو تمثيل الواقع؟

مكتبة ماك للمطورين بها موضوعات تصف عدد من المباديء التوجيهيه لمطورين تطبيقات ماك وذلك لمساعدتهم في إنتاج واجهات أكثر سهولة وقرباً للمستخدم، هذه المباديء تطلق عليها أبل اسم “المباديء الخالدة لتصميم الواجهات الناجحة” أول مبدأ من تلك المباديء الخالدة هو تمثيل الواقع أو Metaphor، فكما تقول آبل:

الاستعارة أو تمثيل الواقع Metaphor هو أن تعتمد في تصميم الواجهة علي ما يتعامل معه المستخدم يومياً في حياته الطبيعية من رموز، وأن تستخدمها في واجهات البرامج التي تصنعها، فتقول أبل انها استخدمت “المجلدات Folders” كرمز لتنظيم الملفات وهو رمز مستعار من الواقع، فغالبية المستخدمين يعتمدون علي المجلدات لتنظيم ملفاتهم في المكاتب وغيرها.

إن عالم الأشياء المادية هو المعروف لدينا (مثل شكل البيت، عدسة التكبير، الاسهم … الخ)، بينما عالم الأفكار (العالم الغير ملموس) هو عالم مجرد يستحيل التفكير فيه من دون استخدام ما نعرفه عن الأمور المادية، وهنا يأتي دور الاستعارة Metaphor، بحيث ننقل ما نعرف من الظواهر المادية لنشكل ما لا نعرف من الظواهر غير المادية والتجريدية (كالواجهات التفاعلية).

أمثلة علي تمثيل الواقع Metaphor في تصميم الويب

في التصميم للويب نحن نستخدم هذا المبدأ وبكثرة ولكن ربما لا نلتفت للفلسفة التي تقف وراءه، فنحن نستخدم الصور والرموز خاصة الأيقونات للإشارة إلى أشياء محددة فمثلاً نستخدم صورة البيت للإشارة للصفحة الرئيسية لموقع الويب.

الم تتسائل يوماً لماذا نصمم الأزرار Buttons في الويب ألم تكن الروابط Links كافية ؟ … ببساطة كان من الممكن  أن نجعل الروابط Links بشكلها العادي (نص بلون أزرق أسفله خط) هي الأصل في كل شيء، ولكننا نتعمد تصميم الازرار في أماكن معينة بواجهة الموقع، لماذا؟ لأننا كمستخدمون معتادون على تعريف الزر كنقطة تفاعل (أقوم بالضغط عليه فتظهر نتيجة محددة) كما هو الحال في حياتنا الحقيقية، عندما نريد انارة الغرفة نضغط على زر الانارة فتضيئ!

تقليد المحيط الحقيقي للإنسان في الواجهات الافتراضية يساعد المستخدم علي التفاعل بسرعة مع الواجهة، هذا المبدأ ينطبق على النوافذ، وأجهزة الكمبيوتر المكتبية، وعلامات التبويب Tabs في تصميم واجهات الإستخدام.

لماذا يجب أن نستخدم الاستعارات البصرية Metaphor في تصميم المواقع؟

الاستعارة وتمثيل الواقع تدعم النموذج العقلي للمستخدم
الاستعارة وتمثيل الواقع تدعم النموذج العقلي للمستخدم

الاستعارات البصرية في تصميم المواقع تستخدم كآلية للوصف عن طريق ربط أشكال الحياة الحقيقية والأفكار وتحويلها إلى وحدات بكسل، الاستعارات قد تبدو صغيرة جداً مثل الايقونات أو كبيرة جداً كخلفية موقع بها باترن Pattern معين، ولأن القراء على شبكة الإنترنت لديهم اهتمام أقل في القراءة علي المواقع -حيث أن الوقت هو جوهر تجربة الاستخدام عند تصفح الانترنت-  فإن الاستعارات البصرية (مثل اللون الأحمر مع الخطر، أو عدسة مكبرة مع البحث) لها دور فعال في تحسين تجربة القراءة على الويب، والوصول أسرع للمعلومة.

الخلاصة

تستخدم الاستعارات في اللغة العربية لتشبية شيء ما بآخر، مثلاً أن نقول رأيت أسد يحارب في المعركة، هو لم يرى اسداً بالفعل ولكنه شبة الجندي بالأسد حتي يقرب للمتلقي مدي شجاعة وبسالة الجندي، في الويب الاستعارة أو تمثيل الواقع لا تختلف كثيراً فهي تعتبر وسيلة رائعة للتواصل والآلفة وجذب القراء إلى التصميم ومن ثم الانجذاب للمحتوى، فنحن نحاول أن ننسخ الاشياء الحقيقية التي نتعامل معها يومياً لنجعلها عناصر جرافيكية يتعامل معها المستخدم في الواجهة مما يحقق الألفة والسهولة في التعامل وفهم صحيح لما نقصدة من وراء التصميم.

عن كاتب المقال

أحمد مجدي
مصمم لواجهات إستخدام، أمتلك مهارات في تجربة الإستخدام وخبرة معرفية وعملية عن التصميم الجرافيكي والتفكير التصميمي، عملت مع أصحاب الأعمال التجارية في الشركات الكبيرة، المتوسطة، الصغيرة والأفراد لبناء جسور بين إحتياجات المستخدمين وأهدافهم التجارية. تابعني على تويتر: @ahmedmagdi


كل مقالات الكاتب

اترك تعليقك على المقال 7 تعليقات

  • محمد عيساني

    بارك الله فيك ونفع بعلمك والله هذا هو الشيىء الذي يجب على المصمم ان يفهمه.
    انت قدمته بصورة مبسطة ومفهومة يمكن من خلا لها للمصمم العربي الالمام بمبادىء بالتصميم لكي يعرف ما يجب عليه ان يصنع.
    بارك الله فيك مرة اخرى

  • احمد سعيد

    والله انا سعيد جدا لوجود كتاب محترمين زيك يا استاذ احمد
    شكرا على مقالاتك الحميلة 🙂

  • خالد عوض

    مقالاتكم دائماً مميزة ومدونتكم هذه لها نكهة فريدة في الساحة العربية

  • مريم بازرعة

    و لذلك يسهل على المستخدم استخدام التطبيقات على اختلافها، لأنها ترجع في الأصل إلى فكرة واحدة و هي تمثيل الواقع، مما يجعلها مألوفة.
    موضوع جميل و جديد بالنسبة لي.

  • عبدالله المهيري

    الاستعارة في تصميم الواجهات بدأت منذ السبعينات في معهد أبحاث زيروكس بارك عندما صمموا ما نعرفه اليوم بسطح المكتب في الحاسوب، وقد كانت خطوة مهمة لتبسيط علمية استخدام الحواسيب ولا زال هذا الأسلوب المعتمد في واجهات أنظمة التشغيل المكتبية.

    من ناحية أخرى هناك انتقادات كثيرة في كتب وأبحاث أكاديمية وأيضاً في المواقع لمحاولة محاكاة الواقع في واجهات البرامج والمواقع، لأن المحاكاة تحد من قدرات الحاسوب، مثلاً آلة حاسبة تشبه الآلات الحاسبة الفعلية التي تستخدم في المحلات، لم تصمم تطبيقات الآلة الحاسبة في الحاسوب بهذا الشكل في حين أنها تستطيع أن تقدم واجهة أقوى وأفضل ولا يعني هذا أنها ستصبح أصعب، فقط مختلفة.

    نظام الملفات نوع آخر من المحاكاة غير الضرورية، يمكن للواجهات أن تتخلص منه كلياً لصالح نظام آخر يعتمد على طرق مختلف لتنظيم وتصفح محتويات الحاسوب، التصفح بالتاريخ أو الوسوم أو المجموعات أو البحث، كلها طرق تستخدم في المواقع فلم لا تستخدم في أنظمة التشغيل أياَ لنتخلص كلياً من نظام الملفات.

    محاكاة الواقع طريقة لتبسيط استخدام الحاسوب لكن أرى أن الوقت قد حان لتجاوز المحاكة لتقديم واجهات لا يمكن إلا للحاسوب تقديمها، ولتكن سهلة الاستخدام بحيث لا يحتاج المستخدم سوى تعليمات قليلة وفي سطور ورسومات قليلة لكي يتعلم استخدامها.

    الحاجة لتعلم استخدام الأشياء ليس سلبية بل أراها أمر ضروري.

  • حسن الطباخ

    مقال اكثر من رائع تحياتي

  • مقال رائع ومجهود مميز وافادني كثيرا
    شكرا لك مع تمنياتي بالتوفيق