على الرغم من ان معظم اركان معادلة تصميم تجربة الاستخدام هى ثوابت، فهى بالاصل قائمة على تحليل سلوكيات المستخدمين كما انها تكيف ما نصممه ونطوره للويب وفقاً لقدرات الإنسان الأساسية، النماذج العقلية التى كونها المستخدمين فى الماضى، وعلوم نفس المستخدم والتى لا تتغير تقريبا بالتقدم التكنولوجى، الا ان المعادلة تغيرت! حيث يمكن ان نضيف لها الان متغير جديد سيجعل المنتج النهائى لتجربة المستخدم قابل للتغير كلما تقدم الزمن الا وهو “خبرة المستخدم نفسه”.
فى الجزء الاول من المقال ركزت على المعتقدات الخاطئة لدى المهتمين والمتخصصين فى تجربة الاستخدام، ومصممى الويب عن تجربة الاستخدام UX نفسها كعلم، مثل الخلط بين مفهومى واجهة الاستخدام وتجربة الاستخدام، والخلط بين مفهومى تجربة الاستخدام وقابلية الاستخدام وغيرها من المعتقدات.
فى هذا الجزء ساناقش عدداً من المتغيرات التى دخلت على علوم تجربة الاستخدام والتى من شأنها ان تغير بعض الثوابت التى كنا نلتزم بها عند تنفيذ او تصميم خبرة الاستخدام للمواقع وتطبيقات الويب التفاعليه ، وكذلك نوضح الاسباب التى جعلت هذه الثوابت تتغير.
ما الذى يجعل ثوابت عملية تصميم تجربة الاستخدام تتغير ؟
الاسباب الرئيسية لحدوث هذا الامر هو ان قدرات الانسان على التكيف مع العالم تتطور، فما يصنعه وما يفعله سلوكياً يتطور بمرور الزمن، وعليه فانه ما بات سابقاً صعب الاستخدام، اصبح حالياً امر معتاداً على الانسان، فمن منا كان يتخيل ان الموبايل هو من سيصبح الجهاز الرئيسى لتصفح الانترنت والمواقع، تلك الشاشة الصغيرة التي لا تتجاوز 5 او 6 انش كيف يمكن ان استخدمها لتصفح منتدى مثلاً، كيف يمكن للمستخدم الذى تعود على استخدام شاشة الحاسوب الكبيرة ان يتصفح نفس الموقع ولكن على شاشة اصغر؟! … ولكنه حدث !
نحن نصنع التكنولوجيا معتقدين اننا من نُشكلها … وهذا صحيح، ولكن ماذا يحدث بعد ذلك ؟! … تلك التكنولوجيا هى من تُشكل سلوكياتنا المستقبليه بحيث تجعل عاداتنا تتغير، وما كنا نعتقد انه محال اصبح عادياً !
التغير فى ثوابت تصميم تجربة الاستخدام لا تأخذ منحنى حاداً، فتلك الثوابت التى تغيرت لا تتجاوز الـ 20% من المبادئ التوجيهيه لقابلية الاستخدام، فكما وصفها جاكوب نيلسون ” المبادئ التوجيهيه لقابلية الاستخدام متينه !”
أعتقد أنه من غير المعقول أن نتوقع ان البشر سيتكيفون مع أجهزة الكمبيوتر، لكنه حدث فعلاً !، وهذه هى أحد الاسباب التى جعلت حتى واجهات الاستخدام السيئة اصبحت سهلة الاستخدام ! الويب اصبح اليوم سهل الاستخدام على الناس اكثر مما كان عليه في بداياته عام 1994، وذلك ببساطة لأن الناس اصبحت لديهم المزيد من الخبرة مع ما يحدث، حتى ولو كانت بعض الواجهات التى يتفاعلون معها سيئة.
التحسينات السلوكيه للمستخدمين وأثرها على تجربة الاستخدام
فى دراسه اجريت عام 2008 على بعض المستخدمين من الولايات المتحدة الامريكية فى مختبرات nngroup خرجت بنتيجه رئيسية، وهى ان مهارات استخدام الويب لدى المشتركين اصبحت افضل، حيث ان معظم المشتركين:-
- اصبحوا أفضل في العمليات الفيزيائية، مثل تحريك الماوس والتمرير لاسفل واعلى Scrolling.
- اصبحوا أكثر ثقة وشجاعه عند النقر، وأقل خوفا من ان النقر على مكان خطأ فى صفحة الويب قد يكسر شيء.
- اصبحوا على درايه بأساسيات استخدام البحث.
اضافة الى:-
- ان بعض المستخدمين اظهروا سلوكيات خبره متقدمه، مثل فتح نافذة ثانيه للمتصفح للمقارنة بين المواقع أو تكبير ملف PDF وذلك بعمل Zoom تقريبى عن طريق اختصارات لوحة المفاتيح او نافذة المتصفح.
وعند سؤال المستخدمين على كيفية تأدية مهام بعينها على المواقع والتى غالبا ما يستخدمونها – اى يعاودون زيارتها بشكل متكرر- فإن معظم المستخدمين اظهروا سلوكيات استخدام سريعه بشكل لا يصدق لهذه المواقع. هذه الحقيقة تقودنا إلى نتيجتين مثيرتين للاهتمام:
- العديد من المواقع هى الآن جيدة بما فيه الكفاية ( التصميم – قابلية الاستخدام – المحتوى ) بحيث اصبح المستخدمين يكافؤنهم بالولاء والاستخدام المتكرر.
- عندما يعاود المستخدمين زيارة هذه المواقع، فإنهم يميلون إلى القيام بالأمور نفسها مرارا مما اظهر تطور مهاراتهم بدرجة عاليه – وهو شيء نادرا ما كان يحدث فى الماضى.
النقطه الثانيه من نتائج هذا البحث جعلتنى اتذكر مفهوم قابلية الاستخدام عند كل من جاكوب نيلسون و بن شنيدرمان استاذ علوم الكمبيوتر والذى يُحدد بعدة عناصر رئيسية احدها هو “التذكر” والذى يشير الى ان المستخدم لو تعلم فعلا كيف يستخدم الموقع وابتعد عنه فترة من الزمن، فهل من السهل ان يتذكر ذلك مرة أخرى؟
ما هو المهم فى هذا ؟ المهم هو ان احدى تلك الثوابت اصبحت الان امراً افتراضياً مع تطور الزمن وسلوكيات المستخدمين، حيث اصبح من المفترض – نتيجه لتطور سلوكيات وخبرة المستخدمين – ان يتذكروا استخدام الموقع الالكترونى الذى احبوه حتى لو ابتعدوا عنه فتره من الزمن.
أصبحت المبادئ التوجيهية لقابلية الاستخدام اسس عفا عليها الزمن عندما كان التكنولوجيات محدوده، على سبيل المثال المبادئ التوجيهية لعام 1986 والتى وضعها جاكوب نيلسون حددت لون الروابط Links بالأزرق، لانه اللون الافتراضى والذى اعتاد عليه المستخدمون، لكن حالياً الامر لم يعد كذلك، يكفى ان تغير لونه عن النص فى الفقرة او تضع هوفر بشكل ما عليه وسيتسائل المستخدم ما هذا، وسيضغط بدون تفكير، لا تنسى انه لم يعد جباناً وخائف من النفر Click !
المستخدم الغير خبير ليس غبياً !
احدى الاعتقادات الخاطئة عن تجربة الاستخدام هو اننا كمصممين ومهندسين لخبرة المستخدم نعتقد ان المستخدم الغير خبير غبى ! وهذا غير صحيح، نحن لا نقيس مستوى الـ IQ للمستخدمين، ولا يجب ان نفعل ذلك، من الممكن ان يستخدم الموقع مستخدم حاصل على ماجستير او دكتوراه او مستوى ذكاءة اعلى – وربما هم النسبة الاكبر من المستخدمين – وبالتالى فان استخدامه سيتطور ولن يبقى على حاله، لانه اقدر على استيعاب الواجهه ربما اكثر من صانعها.
بعض الابحاث التى اجريت على عدد المستخدمين اظهرت ان بعضهم لا يمانع وجود تعقيدات فى واجهة الاستخدام !
معتقدات خاطئه عن تجربة الاستخدام – التنفيذ والتطبيق
لم اركز بشكل اساسى فى هذا المقال على مناقشة المعتقدات الخاطئة عن تجربة الاستخدام من ناحية التطبيق اكثر من التركيز على الاسباب التى تجعلنا نغير من الثوابت الخاصة بتجربة الاستخدام، وذلك لانها تجعل المعتقد الصحيح خطأ مع مرور الزمن، وفى معمل ألوان نشرنا عدد من المقالات عن تلك المعتقدات فى تصنيف ” معتقدات خاطئه عن تجربة الاستخدام ” وهو ما ادعوك لقراءته كما اننا سننشر فيه المعتقدات الخاطئه من ناحية التطبيق بشكل مفصل مستقبلاً.
التعليقات اترك تعليقك على المقال 2 تعليقان
شكرا علي المقال والافكار المتجددة ،
اعتقد ان تجربة الاستخدام هي جزء من تجربة التعلم ، ذكرتني بكتاب :
Design For How People Learn – Voices That Matter
مشكو ر اخي