عند رؤيتي لموقع جريدة بوسطن جلوب لأول مرة، شعرت بمدى قوة علم قابلية الإستخدام وعلم نفس المستخدم خاصة عندما يطبق على المحتوى الرقمي بالشكل الصحيح، التحدي الحقيقي الذي يقف خلف تحويل جريدة مطبوعة إلى جريدة إلكترونية بحجم جريدة بوسطن جلوب، هو ذلك الكم الكبير من المحتوى الواجب ترتيبه وعرضه بشكل ملائم للويب، وفي نفس الوقت أن تجعل هذا المحتوى سهل الوصول والإستخدام.
المنظمة صاحبة تقييم موقع بوسطن جلوب كأفضل موقع على مستوى العالم لعام٢٠١١، هي Society for News Design والتي تعرف إختصاراً بـ SND مجتمع مصممي الأخبار وتداولها حول العالم، وهي منظمة دولية موجهة للعاملين في وسائل الإعلام والاتصال البصري خاصة أولئك القائمين على نشر المحتوى على الويب، الموبايل أو النسخة المطبوعة للأخبار، تهدف الجمعية إلى نشر ثقافات تصميم الصحافة المرئية مع مراعاة المهنية الصحفية متى كان الوسيط المستخدم لعرض المحتوى.
حيثيات الحكم على بوسطن جلوب
قبل أن نتعرف على الحيثيات التي إستندت اليها لجنة التحكيم للحكم على هذا الموقع يجب أن نتطرق إلى نقطتين:-
- أن مفهوم التصميم التفاعلى Interactive Design، بدأ ينتشر بين أوساط الويب في الآونة الأخيرة، ذلك التصميم الذي يتيح للمستخدمين التفاعل بشكل أسهل، مثل تمكين المستخدم من تغيير عناصر واجهة الموقع وترتيبها وفق أولويات كل زائر، تغير ألوان الخلفية أو حجم النص، … إلخ، الاهتمام بمبدأ التصميم التفاعلي يتيح للمواقع أن تتغلب على قيود نظم إدارة المحتوى الجاهزة كما توفر تجربة ممتعه للزائر.
- بدأت الكثير من الصحف المطبوعة حول العالم تقديم محتواها الصحفي على الويب بشكل احترافي وموجة وليس كخدمة مكملة للجمهور، كما بدأت في تقديم هذا المحتوى بشكل مدفوع، حيث وفرت مزايا للمستخدمين المشتركين تضمن لهم تجارب أفضل في التصفح بدلاً من مجرد قراءة الجريدة اليومية المملة!
إطلاق موقع بوسطن جلوب رفع من معايير الحكم المستقبلية على جودة المواقع الإخبارية فقد أعاد صياغة سقف التوقعات التي يجب أن نتوقعها من أي موقع إخباري قادم، بوسطن جلوب خلي من تلك الأخطاء التي تقع فيها غالبية المواقع عندما تتصفح الموقع على أكثر من جهاز وسيط، فالموقع يبدوا كما هو ثابت، متوازن، لا يخل بتجربة المستخدم أبداً.
وضعت بوسطن جلوب خبرة ١٧ سنة من صياغة الاخبار على الويب، رسم خرائط هيكلة وتوزيع الاخبار، في بعض الاحيان وصل ما تقوم به بوسطن جلوب إلى حد اللا معقول! فالتصميم يبدوا وكأنه كائن حي يستجيب مع المحتوى فيتكيف معه، يستجيب للمستخدم فيُمكنه من تخصيصه وقراءته بالشكل المناسب له، كما يستجيب مع الجهاز الوسيط سواء كان موبايل، كمبيوتر كفي أو قاريء إلكتروني.
كما أن تصميم الموقع يجسد مفهوم التصميم التجاوبى Responsive Design وهو مفهوم يشير إلى مدى قابلية الموقع إلى العرض على طيف واسع من الأجهزة الوسيطة دون أن يتحول إلى فوضى أو يفقد ثباته وجودة عرضة، هذا المبدأ يتم تطبيقه بأن يصمم الموقع وكأنه سيعرض علي الهاتف النقال أولاً، بإعتباره أصغر الوسائط حجماً في شاشة العرض، هذا سيساعد مصممي المواقع في التركيز على ما هو مهم فعلاً وإهمال العناصر الغير ضرورية، لأن كل عنصر يأخذ من حجم الشاشة الثمين! تطبيق مبدأ التصميم التجاوبي سيوجة جميع المواقع إلى تبني المعايير القياسية في تصميم الويب لأنها هي التي ستجعل الموقع صالح للعرض على الموبايل!
الأولوية، لرواية الحدث
المعيار الأول لنجاح موقع بوسطن جلوب هو المحتوى، كون الموقع جريدة إخبارية لايجب أن ينسى أبداً الهدف الذي بني من أجله، إلا وهو نقل الخبر، أن تجعل كل شيء بالموقع يخدم هذا الهدف، فالموقع الأول على العالم لا يجب أن يكتفي بكونه جميل! يجب أن تكون القصص الاخبارية سليمة صحفياً ومراعية لمعايير المهنية الصحفية، أن تروى الحدث بكل جوانبه، لهذا كان المحتوى قابل للقراءة.
جودة عرض المحتوى على الويب
تصميم موقع بوسطن جلوب يجعل المستخدم يركز وبنسبة ١٠٠٪ على المحتوى وليس أي شيء آخر، وهذا هو سر نجاح الموقع، لأن الكثير من مستخدمي الويب لا يبحثون -كما نبحث نحن مصممين المواقع- على جمال التصميم أو على الجهد المبذول في الإخراج الفنى والشكل، أن الهدف الأوحد لديهم هو المحتوى، بوسطن حاولت أن تقنع الكثير من محبيها إلى التحول نحو المحتوى الرقمي للجريدة، ولكى تقنعهم بذلك يجب أن تتكيف مع خبراتهم ومستوياتهم فى التعامل مع الويب، لهذا كان الموقع قابل للإستخدام.
جودة عرض المحتوى على الهواتف النقالة
بوسطن جلوب أدركت أن التغير قادم لا محالة، الصحف المطبوعة أخذت مبياعتها في التدهور، فشبكة الويب أتاحت حرية تداول المعلومات من مصادرها الأصلية، لذا كان يجب أن تواكب بوسطن ذلك التحول الهائل فى تجارب مستخدميها، لذا كيفت الموقع للعرض على الكثير من أجهزة الموبايل بنجاح، لتقول للمستخدم، لا يوجد ما يمنعك من زيارة موقعنا. لهذا كان الموقع قابل للوصول.
ليس من السهل تصميم موقع بحجم جريدة بوسطن جلوب، هذا التصميم كما تصفه لجنة التحكيم “سيغير تاريخ النشر الصحفي الالكتروني لعقد قادم من الزمن”، فموقع بوسطن جلوب يعطي مثالاً لتصميم ذكي غني بالمحتوى مع التركيز على أن يكون متوافق مع المعايير القياسية والمستقبلية في آن واحد، كما أن لدي ملاحظات على بوسطن جلوب كمؤسسة صحفية:-
- أولا : انها اقتنعت مبكراً بضرورة التحول الجبري للعرض الرقمي لما تقدمه من محتوى صحفي.
- ثانياً : الإهتمام بتجربة المستخدم على موقعها الالكترونى، فليس من السهل على مستخدم الويب أن يقرأ جريدة على الويب، اضافة إلى أن يدفع مقابل ذلك على الرغم من أن المحتوى المجاني على بعد نقرات Clicks منه!
هل سنجد جريدة عربية في يوماً من الأيام تستثمر في الحفاظ على جمهورها لهذا الحد؟ هل سنجد من يهتم بتجربة المستخدم أولاً وقبل كل شيء؟
التعليقات اترك تعليقك على المقال 3 تعليقات
شكرا على الموضوع
شكرا لك
موضوع قيم وممتاز
مزيد من الابداع والتألق
شكراً لجهودك احمد