مقدّمة إلى تبسيط الويب والجوّال

كتبه حسام الزغيبي 8 يونيو 2016

على الرغم من كون تطبيقات الويب و الجوّال العربيّة شحيحة مقارنة بأترابها من التطبيقات في اللّغات الأخرى (الإنجليزيّة و الصينيّة تحديدًا)؛ إلاّ أنّه ما زال لديها مستخدميها الذين يهتمون بسهولة استخدامها، و يهتمون ببساطة نمطها، و يهتمون بحصولهم على خدمة لائقة خصوصًا بعام 2016 م. أحاول من خلال هذه السلسة تقديم أفكار تقلّل من الفوضى (إن وجدت) في تلك التطبيقات و تحفّز تبسيطها.

الفكرة أولى بالتبسيط

مهما بلغ تعقيد الفكرة؛ فإنّي أرى أنّ تبسيطها حتمي. الفكرة قبل أن تتحوّل إلى منتج، أو حتّى قبل أن تنفّذ؛ ينبغي أن يحدّد عنصرها أو عَناصرها الأهم، ثمّ يتمّ التخلّص من كلّ شيء آخر. على سبيل المثال، لا يهم مستخدم محرّك بحث (قوقل) سوى أن يبحث؛ و لا يهم من يستخدم البريد (Mail client) سوى أن يقرأ و يرسل بريد. الفكرة تكمن في تقليص عدد الوظائف لخدمة معيّنة (تطبيق ويب أو جوّال مثلاً) إلى الحد الأدنى الضروري.

لقطة شاشة لمحرّك بحث قوقل [المصدر].
لقطة شاشة لمحرّك بحث قوقل [المصدر].

الجوّال أولاً

لا أخفيك أنّي أحب تصفّح الويب من جهاز الحاسوب؛ لكن هذا لا يجعله مفضّلاً و مقدّمًا دائمًا. اليوم، تنتشر أجهزة الهواتف الذكيّة بشكل كبير، بل إنّها قد تكون في المستقبل القريب أجهزة الحاسوب الوحيدة. الأمر، الذي يدعو إلى التأمّل، و يحفّز على تصميم تطبيقات الويب لأجهزة الجوّال أولاً (Mobile first) و من ثمّ تحويلها لأجهزة الحاسوب و ليس العكس. قد تتفوّق في المستقبل أيضًا أجهزة أخرى على أجهزة الهواتف الذكيّة (الساعة الذكيّة مثلاً)؛ فيكون التصميم لأجهزة “الساعة أولاً” في مثل هذه الحالة خصوصًا إذا حقّقت الساعة شعبيّة تتفوّق بها على أجهزة الهواتف الذكيّة.

التبسيط للجميع

حينما يتعلّق الأمر بالتبسيط، فإن هذا لا يجعله حكرًا على المصمّمين دون غيرهم. المصمّمون يسعون لحل مشكلة بطريقة تناسب الآخرين؛ ليس بطريقة تجعل المظهر ظريفًا وحسب؛ بل بطريقة تجعله سهل الاستخدام أيضًا. يمكن للمطوّرين أيضًا أن يأخذوا التبسيط في عين اعتبارهم؛ لكونه سيوفّر عليهم الكثير من الإصلاحات و التعديلات، و الوقت كذلك. ربّما يأخذ المسوّقون التبسيط في عين اعتبارهم؛ لكون المستخدم (و الزائر تحديدًا و غالبًا) لا يحب المكث طويلاً.

احتماليّة مغادرة الزائر الصفحة نسبةً إلى وقت مكثه بالثواني [المصدر].

الإتّزان مطلوب

نعم، من أساسيّات التبسيط التقليص أو التخلّي عن العناصر؛ لكن هذا لا يعني أن نستغني عن العناصر الضروريّة. الإتزان أمر مهم في التبسيط، لا الفوضى مقبولة، و لا النقصان كذلك.

الخلاصة

ينبغي أن يبدأ التبسيط من الفكرة دائمًا؛ فالفكرة المعقّدة تورث تنفيذًا معقّدًا، التبسيط في الفكرة يكون بتحديد عَناصرها الأهمّ و التخلّص من كلّ شيء سوى ذلك. عند تنفيذ الفكرة (بافتراض كونها تطبيق ويب أو جوّال)، تأتي حاجة ملحّة لمعرفة أجهزة المستخدمين، التبسيط في عام 2016 م يفترض أن يكون التنفيذ لأجهزة الجوّال أولاً و من ثم لأجهزة الحاسوب. التبسيط ليس حكرًا على المصمّمين؛ إذ يمكن للمطوّرين و المسوّقين تبنّيه بكلّ أريحيّة. إزالة الفوضى في بعض الأحيان قد تؤدي إلى إزالة ما هو أكثر منها كالعناصر الأساسيّة؛ لذا فمن الجيّد التنبّه لمثل هذا. سأنشر الأيام القادمة بإذن الله سلسلة كاملة حول هذا الموضوع.

عن كاتب المقال

حسام الزغيبي
مُختص في تجربة المستخدم (UX). مُهتم بالتقليليّة (Minimalism). مُحب للتعاون (النادي و المبدأ). تويتر: @hossamzee


كل مقالات الكاتب

اترك تعليقك على المقال 4 تعليقات

  • بدر دهى

    موضوع جميل و اختيار موفق .. هده المقاربة التبسيطية في التصاميم بصفه عامة هي ما ينقص الدوق العام العربي اجمالا .. في انتظار مقالات اكثر عمقا .. تقبل استاد حسام مروري و رمضان مبارك كريم .. 🙂

  • زيد إدريس

    مقالٌ ممتع ومفيد، عملت في أحد المشاريع على تصميم منصّةً في مجال الأعمال، بعد البدء بالعمل اكتشفت أن الفكرة لا تستدعي كل حجمها وتواصلت مع أصحاب العمل مقترحًا تحويل الفكرة إلى إضافة إلكترونية مبسّطة وهو ما تم بالفعل، لم نطلق الإضافة بعد لكنني أتوقع لها النجاح إن شاء الله لترافق بساطتها مع الأهمية وهذا عنصرٌ مطلوب تمنّيت لو ذكرته في فقرة “الاتزان مطلوب” فلتحقيق الاتزان لا بد من النظر في العمل والتأكد من أن البساطةَ قد تمّت والأهمية ما زالت فإن زاد عنصرٌ على الآخر لتسبب ذلك غالبًا بفشل المشروع.