أدريان زمبرونن، مصمم تجربة إستخدام سابق في جوجل، حكى عن قصة لكرسي قبيح الشكل والمنظر كان قابعاً فى أحد المقاهي التي كان يمر عليها يومياً أثناء الذهاب الى عمله، الكرسي لم يكن قبيحاً فقط ولكن لم يكن مريحاً فى الجلوس أيضاً، وتسائل عن كيف يمكن لأحد ما أن يصمم كرسي قبيح وغير مريح في نفس الوقت، كيف يمكن أن نصمم منتج قبيح الشكل ولا يؤدى الغرض الذى صنع من أجله ؟
الأمر كان يحتاج إلى المزيد من التحقيق، أدريان سأل نفسه: هل الهدف من الكراسي في المطاعم والمقاهي هو ان تجلس مرتاحاً عليها ؟ الاجابة هي لا، فالهدف منها عكس ذلك تماماً، الهدف الا تجلس طويلاً، فالجلوس الطويل يسبب خسارة للمقهى نفسة، الهدف هو انك كزبون تسير في السيناريو التالي:-
- تشتري كوب القهوه
- تغادر في أقرب وقت.
فكلما كانت هناك أماكن شاغرة في المقهى كلما زاد اقبال الزبائن الجدد. الحكم على ذلك الكرسي بانه قبيح كان حكماً سطحياً، فهذا الحكم على الشكل – هو حكم قاصر وسريع – يجب أن نحكم بناءاً على الهدف الذي يحاول تحقيقة.
هذة القصة البسيطة كان مغزاها هو أن التصميم من أجل تحقيق هدف ما يأتي دوماً مع عدد من التنازلات !
هذه ليست دعوة مفتوحة لتصميم القبيح مادام له هدف، ولكن على الرغم من أن العامل الجمالي هو عامل أساسي في تحقيق “تجربة إستخدام أفضل” إلا أن عامل “أن يحقق التصميم الهدف ” الذي جاء من أجله يسبق الجماليه، أنا لا أفصلهم عن بعض ولا أقلل من شأن العامل الجمالي ولكن أصحح الترتيب في أولوية الإهتمام والحكم.
هل هذا يعني انه من الممكن ان نتنازل عن جمالية المنتج / الموقع / التطبيق من أجل هدف ما ؟ هذا ما نجيب عليه خلال السطور القادمة …
العامل الجمالى Aesthetic Effect وتجربة الإستخدام
تأثير الإستخدام الجمالي Aesthetic Effect يعني أن المستخدم ينظر ويتلقى المنتج ذو التصميم الجذاب على أنه أسهل في الإستخدام من غيرة القبيح.
بعض أبحاث علم النفس تفترض انه لا يهم في الواقع حقيقة المنتج سواء كان أسهل للإستخدام أم لا فالمستخدم على إستعداد أن يقدم تنازلات لاواعيه ويلتمس العذر ويغفل الكثير من الصعوبات في الإستخدام إذا ما وجد التصميم جميلاً.
التصميمات الجميلة تبدوا أسهل للإستخدام سواء كانت هي كذلك ام لا، تصميم أسهل في الإستخدام لكن أقل جمالية سيعاني من القبول لدي الجمهور المستقبل، هذه المعاناة ستتحول الى مشاكل في قابلية استخدامة Usability.
عدد من الابحاث التي اجريت في موضوع “تفاعل الانسان مع الحاسوب” وجدت أن الإنطباعات الأولية تؤثر في السلوك على المدى البعيد. فالتصميم الجميل يحفز الناس للسلوك الجيد ويجعل المستخدمين متساهلين مع مشاكل التصميم، ويشجع على التفكير الإبداعي.
العلاقة السلبية التي قد تنشأ من التصميم القبيح تؤدي إلى تضييق التفكير وتكبت الإبداع وتتصيد الأخطاء.
التأثير على العواطف بالجمال
تشير الدراسات إلى أن العواطف تلعب دورا هاما في تجربة الإستخدام. إذا كان الموقع يحتوي على تصميم بصري جيد، المستخدمين سيكونوا أكثر استرخاء، وسيميلون إلى إيجاد الموقع أكثر مصداقية وأسهل للاستخدام.
جامعة ستاندفورد أجرت دراسة شارك فيها اكثر من2500 مشترك عن كيف يقيم الناس مصداقية الموقع، أثبتت النتائج أهمية دور التصميم البصري: “ما يقرب من نصف المشتركين (أو 46.1٪) قيمو مصداقية المواقع بناءاً علي جاذبية التصميم العام للموقع بما في ذلك تخطيط وضع العناصر، اختيارات التيبوغرافي، حجم الخط والالوان…
… علي الرغم من ان التصميم الجميل لن ينقذ الموقع الذي يقدم اداء سيئاً في المنافع التي انشئ من اجلها. مع ذلك، اظهرت الدراسة وجود صلة واضحة بين التصميم الجميل ومصداقية الموقع عند الناس. ”
المنتجات قَرِينة الناس: اجعلها جميلة
نوكيا كانت واحدة من أولى الشركات التي ادركت مبكراً أن انتشار الهواتف الخلوية – الموبايل – يتطلب ان تكون أكثر من مجرد ادوات للاتصال. تحتاج الهواتف الخلوية إلى أن يتم إعادة شحنها أكثر من مرة، وغالبا ما تعاني من فقدان إشارة أو التوقف المفاجئ – التهنيج. فهي أجهزة لا تخلوا من المتاعب.
العناصر الجمالية مثل الأغطية الملونة وتخصيص النغمات. العناصر الجمالية تخلق علاقة ايجابية مع المستخدمين، هذه العلاقة تجعل مثل هذه المشاكل أكثر قبولا والأجهزة أكثر نجاحا.
اذا لم يحصل المنتج علي تصميم جميل فانه لن يفشل فقط في جذب انتباه المستخدمين ولكن سيفشل في المحافظة على انتباه المستخدمين. – ماكس ستينبرجن
سلوك الناس يصدم احياناً: جمالية منتجات آبل كمثال
عقول الناس مليئة بالعمليات التي تحدث كل ثانية، علم النفس يخبرك بأمور ربما لو سمعتها دون دليل او ابحاث لظننت انها درباً من الخيال.
فأرة آبل الشهيرة – Magic Mouse هي مثال للمنتج الغير قابل للاستخدام، فهو يسبب ألم في المعصم مع الاستخدام الطويل، خاصة في الايام الاولى من الاستخدام، فسطح الماوس الاملس والذي ربما يكون أقرب الى الخط المستقيم لا يتلائم والانحنائة الطبيعية لكف اليد، فانحناءة كف اليد تقريباً نصف دائريه.
هذة المشكلة هي ما دفعت ويليام دافيدسون الى صناعة مكعب من السيليكون يوضع فوق سطح الماوس ليحل مشكلة عدم انحناءة سطح الماوس، ليقلل الالم ويناسب الاستخدام اكثر.
هل توقفت آبل عن انتاجة؟ هل توقف الناس عن استخدامه؟
الإتزان مطلوب
وهنا أتساءل، ألم يكن من الممكن ان يستبدل كافية Migros تلك الكراسي “القبيحة والغير مريحة” باخرى “جميلة ولكن غير مريحة”؟ هذا سيحقق الكثير من المنافع، سيتلقى الناس تلك الكراسي باحكام أقل، وسيحقق الهدف “لن تجلس الناس طويلاً”.
ولكن هذا الحل ربما يخالف واحداً من المبادئ العشرة التى وضعها المصمم ديتر راموس – واحداً من أمهر المصممين الصناعيين في شركة Braun- مبدأ أن التصميم الجيد يجعل المنتج مفيداً ( التصميم الجيد يجب أن يؤكد فائدة المنتج ويتجاهل أي شيء يمكن أن ينتقص من فائدته ).
يجب أن تمتلك القدرة على تقديم التنازلات من أجل أن تجعل المنتج مفيد، الجمالية شئ مهم ويرفع من قيمة المنتج وقبولة للجمهور ولكن ان لم يكن مفيداً فانت بذلك تصنع قطعة فنية بلا هدف.
التعليقات اترك تعليقك على المقال 5 تعليقات
شكرا لك اخي الكريم على مشاركة المعلومة مزيد من العطاء
موضوع في القمة, لو تكون كل المواضيع العربية في نفس المستوى لشهدنا تطور كبير في فكرنا
تشكر مجددا 🙂
رائع تغيرت كثير من القناعات والافكار لدي
وتعلمت مجموعة من القواعد الجديدة للتصميم وتجربة المستخدم
مقالة رائعه ، شكراً لكم
شكرا على الاسلوب العلمي والراقي في طرح مقالاتك. تحية طيبة من السودان.